Saturday, July 14, 2007

إلا انا يا قدس أخطاني القطار


سألها : كيف حالك و كيف معنوياتك ؟. . . . لكنه لم يسمع إجابة

لحظات بدأ يسمع صوت بكاءها . . . أعطاني أبي الهاتف وهو يقول لا حول ولا قوة إلا بالله

قلت لها : لا تبكي يا أمي . . لاتبكي , قدّر الله وما شاء فعل

ولكنها ما زالت تبكي

تكلمت مع أختي وأخي وزوجتي . . . عسى أن تكف عن البكاء . . . ولكنها بقيت تبكي

وبدل أن تتوقف هي : بكينا نحن جميعا , ولسان حالنا يقول : لك الله يا أمي وأعانك عى ما أنت فيه

قد تتساءلون لماذا تبكي ؟ ولماذا بكينا معها ؟

لقد سافرت أمي الاسبوع الماضي إلى القدس , فهي مواطنة مقدسية وتحمل الهوية المقدسية ( البطاقة الزرقاء ) لتزور أهلها وأرضها في بلدة سلوان القريبة من أسوار مدينة القدس القديمة

بلدة سلوان المشهورة بعينها التاريخية (عين سلوان) ذات المياه العذبة والصافية والتي تسير لتصل إلى داخل مدينة القدس العتيقة, وتمتاز سلوان أيضا بالتين المسمى (بالتين الزريقي) بلونه الأزرق الغامق المائل إلى السواد وبطعمه الحلو والرائع ويكفي انه يحمل العلامة المقدسية , ولن ننسى أشجار الزيتون العتيقة والمباركة والتي يعود تاريخها إلى تاريخ مدينة القدس العريقة والتي تمتاز بزيتها الصافي والمميز , والمشهور على مستوى العالم

سلوان بلدة يستهدفها اليهود دائما ويحاولون قدر الإمكان تهويدها ومضايقة أهلها ؛ وذلك لموقعها القريب من القدس القديمة ولإحتواءها على آثار قديمة يعتقدون أنها من تاريخهم المزعوم

لا تستغرب إذ رأيت علما اسرائيليا يرفرف على أحد البيوت في وسط حي عربي في باب العامود أو في سلوان أو غيرهما , فهذا البيت استولى عليه المستوطنون و هجّروا أهله ليسكنوا فيه , زارعين بذلك ورمهم الخبيث في جسد العرب هناك , وطبعا سيزرعون كلابهم لحراسته وسيقيمون حواجز لتفتيش كل عربي يدخل او يخرج من ذلك الحي

عدا عن هدم المنازل بحجة عدم الحصول على رخصة بناء من البلدية , ومن شبه المستحيل في القدس تحديدا الحصول على رخصة بناء في وذلك للحد من التواجد العربي فيها, ولزيادة كلابهم المستوطنين

ولن ينسى احد قيمة الضرائب التي تترتب على أهل القدس , فالمواطن العربي الذي يعيش في القدس يجب ان يدفع ما يسمى بالأرنونا وما يلحقها من ماء وكهرباء , عدا عن المخالفات , وانا أعرف أقارب لي في سلوان يدفعون بمعدل 10000شيكل(بما يعادل 2400$) شهريا بدل ضرائب ومخالفات على المحلات والمنازل.

اما المصيبة الأكبر فهي سحب الهويات من المقدسيين وذلك للحد من عدد السكان العرب قدر الإمكان ولزيادة الوجدود اليهودي في القدس حتى يصبح عددهم اكبر من العرب



وهذه مشكلة أمي معهم ومشكلتي أيضا

فلقد سُحِبت هويتي عام 1998 م مع أنني من مواليد القدس , وعندما سافرت أمي هذه المرة سحبوا منها هويتها , بكل ظلم وجور وطغيان

أمي الحنونة تبكي وتنتحب, ولكن من يسمعها؟؟! , فهويتها عندها أغلى من كل شئ

وهي التي تردد دائما

وهويتي أنا مسلم والقدس عنواني الوحيد

لأنها عاشت و تربت ونشأت في القدس , شربت من مياهها واستظلت بأشجارها ولعبت في زققها

لأنها تعرف طعم تينها وزيتونها , لإنها صلت في حرمها وفي مسجدها الأقصى

صعب على من شرب من مياه القدس أن يرتوي من أي ماء آخر

صعب على من داس تراب القدس أن ترتاح قدماه على أي أرض غيرها

من أجل كل ذلك بكت أمي وحق لها أن تبكي

كيف لا وهي الأرض المباركة الطاهرة

والقدس أرض الأنبياء

والقدس حب الشهداء

والقدس حلم الشعراء

والقدس للدنيا القمر

أشكرك يا أمي لأنك منحتني شرفا عظيما , بأن اكون مقدسيا وأعدك بأن لا انسى ذلك ما حييت

ولن أنسى دموعك تلك التي ذرفتها من القهر والظلم

أعانك الله يا امي على مصيبتك و ألهمك الصبر والسلوان

ولا تنسِ: أن الجميع لهم وطن يعيشون فيه إلا نحن يا أمي : فلنا وطن يعيش فينا

وأخيرا يا امي أقول لك:




يا قدس يا حبي الكبير

يا وجه أمي يا كتابا من عبير

كل الطيور تعود في ذيل النهار

كل الوحوش تعود للاوكار

إلا انا يا قدس أخطأني القطار

إلا انا يا قدس أخطاني القطار